Saturday, August 26, 2006

خبر صغير فى جريدة يومية

مر على بائع الجرائد كعادته كل يوم .. ابتاع جريدته اليومية وإحدى الجرائد الأسبوعية التي يحرص على قر ائتها رغم ارتفاع ثمنها , عند الدفع أخرج ما في جيبه من جنيهات متبقية من مرتبه الشهري تذكر أمه وهى تقول عندما تجوع أخرج إحدى كتبك وتغذى عليها وعندما تشعر بالبرد افتح واحدة من جرائدك وتدفأ بداخلها.
نظر إلي الكتاب الذي كان معه وتخيله قطعة لحم مشوي , ثم نظر إلى الجرائد التي اشتراها وتخيلها ملابس شتوية جديدة ابتسم وهو يمنح بائع الجرائد ثمن الجريدة ويقول له :
متى سيكون موسم التخفيضات ؟
نظر إليه البائع في بلاهة وقال له : تخفيضات إيه يا أستاذ , هم هايعملوا أوكازيون على الجرايد كمان ؟
ربت على كتف البائع وقال له : لاتشغل بالك كل شىء جائز.
ترك البائع يتحدث مع زوجته عن أن الحكومة قررت أن تعمل أوكازيون على الجرائد والمجلات , وعاد هو الى التفكير الشهرى فيما سيفعله بما تبقى معه من باقى مريتبه , هكذا كان يطلق على ما كان يتقاضاه من عمله الذى لا يحبه ولكنه مجبر عليه .. كم مرة فكر فى أن يترك ذلك العمل الحكومي الروتيني الممل ولكن أمه كانت دائما تقول له :
يا بنى البلد فى أزمة والشباب مش لاقى شغل واحنا عملنا المستحيل علشان تشتغل فى الوظيفة دى , اصبر .. اصبر ان الله مع الصابرين .. وتذكر الرد الذي كان دائما ما يقوله لها عندما تحدثه ذلك الحديث .
كان يردد فى صوت عالى ها أنا ذا يا أمى صابر .. صابر منذ خمس سنوات أتجرع كل يوم جرعات الصبر صباحا وأمزجها مع حبات الأمل التى تذوب فى بركان الملل والألم الذى أعيشه فى وظيفة لاأحبها ودنيا ليست لى ولست لها .. أنا يا أمى مكانى مع هؤلاء وأشار الى الكتاب والجريدة , وظيفتي هى الكتابة , غذائي هو القراءة , سيفي هو قلمى , ودمى هو حبر أسطر به كتاباتى , أنا يا أمى أعيش مع شوقى وحافظ وجويدة ونزار , أطرق باب العقاد وطه وأنيس فيكشفوا لى بعض الأسرار.. الوظيفة سجن يا أمى وللأسف الشديد أنا يا أمى من الأحرار.
هنا كان ينهى مرافعته التى كان يترافع بها كل شهر أمام أمه , وكانت تفعل هى نفس الشىء بأن تتركه وتخرج من الغرفة قائلة له .. خلى طه باشا يسلفك كم جنيه عشان تكمل بيهم باقى الشهر .
دخل الى غرفته التى علق على بابها من الخارج ( البرج العاجى .. ممنوع الدخول لأصحاب الأفكار السطحية ) تلك العبارة التى كان والده يتشاجر معه بسببها لأنه كان يمنع كل اخوته من الدخول اليها , فتح الجريدة اليومية , نظر سريعا الى الأخبار السياسية ولم يهتم , قلب باقى الصفحات .. دائما ما كان أصدقائه يبتاعون تلك الجريدة بسبب الوظائف الخالية التى تنشرها ورغم أنهم لم يلتحقوا الى الآن بأى وظيفة عن طريقها الا أنهم مايزالوا يبتاعونها , ردد بصوت عال.. الصبــــــر.
أثناء تجواله فى صفحات الجريدة لفت انتباهه اعلان صغير ( جريدة تطلب محررين للعمل بها, لايشترط المؤهل ولكن شرط الموهبة )
قفز من على كرسيه وكانه وجد ضالته التى يبحث عنها .. قرأ الإعلان مرة ثانية .. التقط رقم الهاتف وطلبه سريعا
هو : جريدة المستقبل ؟
صوت أنثوى رقيق : نعم يافندم .
هو: أنا أتحدث بخصوص اعلان اليوم المنشور فى الجريدة اليومية .
نفس الصوت : يمكنك أن تتفضل غدا من الساعة 12 ظهرا وحتى الساعة 6 مساء والعنوان هو .........
كتب العنوان فى ورقة على مكتبه ثم استدار نحو مكتبته الشامخة التى تحتل نصف الغرفة تقريبا وابتسم وهو يتخيل اسمه على غلاف كتاب بين كتب عظماء الكتاب.
دائما كان يمنى نفسه بأن يتحول من مستهلك الى منتج من مجرد قارئ الى مقروء , كان بداخله براكين من الكتابات والطاقات والثقافات التى تتصارع من أجل أن تخرج من رأسه التى أعلنت احتجاجها الرسمى على ذلك الصراع اليومى الذى يدار بداخلها من أفكار ومناقشات وحوارات .
فتح درج مكتبه الخاص المكتظ بمئات الصفحات من كتاباته الباقية التى كتبها طوال عمره الأدبى , نظر اليهم وتحسر على باقى الكتابات التى قام بحرقها وتمزيقها فى لحظة يأس من لحظاته التى لاتنقطع ولولا أن لحق به والده وأخمد النيران التى كادت تصل الى جسده وباقى أثاث غرفته لحدث مالا يحمد عقباه .
احتار فيما يختار ولكن جمع بعض منها ووضعها فى حافظة بلاستيكية وأرخى جسده على فراشه فى لحظة استرخاء نادرة حتى ان فراشه قد تعجب منها !!!!
فى الصباح ذهب الى عمله فى قمة نشاطه مما أثار استغراب كل زملائه ضاما الى صدره الحافظة التى تحوى ابداعاته .
لم يكن أحد من زملائه فى عمله اليومى الممل يعلم شيئا عن أنه يكتب فتطوع أحدهم وسأله عن محتوى الحافظة فحكى له الموضوع بعد تردد ولكن ما شجعه أكثر هو أنه أخرج بعض القصص من الحافظة وأخذ يقرأها .
انتظر فى توتر أن ينهيها ولكنه أخرج قصة أخرى وانزوى فى أحد أركان الغرفة منسحبا من ضجيج العمل الصاخب وأخذ يقرأ بنهم عميق .
حينما انتهى وجده ينظر اليه باعجاب شديد ؤيحييه تحية قارىء الى كاتب كبير , كادت دموعه تسقط من فرط الفرح , شعر بأن عمره الذى قضاه مابين الكتب لم يضع هباءا .
انتشر خبر القصص بين كل الزملاء , وكانت ردود الأفعال متباينة البعض أبدى اعجابه والبعض أبدى ببعض الملاحظات القيمة , والآخر نظر الى القصص فى بلاهة لاتخلو من الحقد.
استأّذن مبكرا من العمل حتى يلحق بالجريدة مصحوبا بدعوات البعض , وتشجيع البعض , سخرية الآخر ين .
أخذ يسترجع ماحدث فى العمل بعد أن شعر بالاطمئنان من ردود الأفعال , وصل الى الجريدة فى الموعد المحدد , دخل بثقة الى السكرتيرة ذات الصوت الرقيق , أملى لها الاسم وأشارت اليه بالانتظار حتى يأتى دوره .
جلس ناظرا الى الجالسين متخيلا الصراع الذى سيواجهه عند تقديم أعماله ولكن تمتم بالدعوة التى كانت أمه تدعوها له دائما عند اقباله على أى أمر جديد ( اللهم ان كان خيرا فاجعله لى وقربه منى , وان كان شرا فابعد عنى ولاتجله لى ) هنا استراح قلبه وذهب فى حلم استيقاظى جميل .
افاق من حلمه على صوت السكرتيرة الرقيق معلنة أن دوره قد حان , دق قلبه بعنف ولكن تذكر نظرات الاعجاب فى عين زملائه فى العمل .
دخل الى المكتب الأنيق الذى يجلس علي مقعده الفخم رجل أنيق بحلة فخمة , أشار له فى احترام أن يجلس , طلب منه أن يعرفه بنفسه , قدم له المعلومات الكافية عن نفسه .
سأله عن علاقته بالأدب ؟
أجابه : أنا قارىء منذ الصغر وتربيت على الكتاب وشعرت ببعض الموهبة فبدأت أخرجها على الورق.
سأله : ما هو تخصصك ؟ أجابه : أنا محاسب .
سأله : فى الحقيقة أريد أن أعرفك بطبيعة العمل الذى نريده , فى البداية سيكون عملك هو أن تنزل الى موقع الأحداث لتغطى الحوادث التى تقع والمهم عندنا ليس مصداقية الخبر ولكن أن يكون ساخن ويحتوى على مايجذب القارىء , اغتصاب , شذوذ , خيانة وما الى ذلك وبما أنك تكتب القصص فلن يضر أن تضع فى الحوادث بعض الحبكات الدرامية وأظن أنك خبير فيها , وأخذ يضحك ضحكات ارتج بها مكتبه الفخم .. حاول أن يقاطعه ولكنه أكمل .. اذا أثبت كفاءة سيتم تحويلك الى قسم المراسلات حيث ستقوم بالرد على الخطابات التى تصل الى الجريدة وان لم تكن هناك خطابات وهذا ماسيحدث فى الشهور الأولى فأيضا استعمل خيالك العبقرى هذا فى كتابة الخطابات بأسماء وهمية وأنت أيضا من تقوم عليها , وأيضا ارتج مكتبه لضحكته البلهاء .
بالنسبة للمرتب .. هنا قاطعه بأن وقف من على المقعد ضاربا بيده المكتب الفخم مما جعله برتج مشوحا بيده الأخرى قائلا : أنا ياسيدى الفاضل لم أتخيل يوما أننى أعمل فى هذا المجال من أجل المال ولكن كل هدفى أن ترى كتاباتى النور , أن تولد بعد كل مراحل الولادة الفاشلة التى مرت بها , أنا كاتب كل ماامله هو أن يكون لى جزء صغير فى احد اركان الجريدة لأخرج فيها ابداعاتى وكتاباتى التى حوربت من أجل تكوينها وحاربت من أجل الحفاظ عليها , كل ..
قاطعه الرجل الجالس على المكتب الفخم : أنت تحلم أتريد هكذا بكل سهولة أن تكتب فى جريدة ويكون لك زاوية فيها , أتعلم كم من الوقت والمجهود أخذت كى أكتب مجرد خبر صغير فى صفحة الحوادث , أنت تحلم
نظر اليه فى تحدى وقال : أعتقد أن أحلامة ستحقها قوة ابداعاتى وأنت حتى الآن لم تقرأ سطر واحد منها هاك هى اقرأها ثم احكم .
ناوله الحافظة وأخذها منه فى اهتمام ثم بحركة مفاجئة قذف بها بطول ذراعه فى الهواء , جن جنونه وهو يلتقط قصصه وهى تتهاوى أمامه , حاول أن يدافع عنها بالاشتباك معه ولكن رجال الأمن منعوه وجذبوه الى الخارج .
احتضن الحافظة كما تحتضن الأم وليدها الضعيف وأخذ يزيل الغبار عنها فى حنان غريب , سار دون هدف وأخذت الأسئلة تتصارع فى رأسه : مالذى سيقوله لأمه وزملائه فى العمل ؟
لماذا يقرأ ؟ لماذا يكتب ؟ من سيدافع عن الثقافة والأدب فى ظل وجود مثل هؤلاء الأفاقين ؟
وصل الى احدى دور السينما ووجد التصارع على شباك التذاكر قد وصل الى حد الاشتباك بالأيدى .
ذهب الى سور الأزبكية حيث المكان الذى يجد فيه متنفسه فهو يعشق الكتاب والكتب والمكتبات فوجىء عند وصوله بأن عم عبد الله صاحب المكتبة التى يداوم على شراء الكتب منها معلق على بابها نصف المفتوح ورقة مدون عليها
( تصفيات , أى كتاب بخمسين قرشا ) جرى نحو عم عبد الله الذى استقبله بابتسامة مكسورة على وجه مصدوم من جراء غبار الأيام السوداء التى عاشها .
سأله ماذا يحدث ؟
أجابه : يابنى لم أعد أستطع دفع الايجار , أو شراء المجلات الفاضحة التى تلقى الرواج حاليا .
نظر اليه فى صدمة وقال : أتبيع شوقى ونزار وعباس ياعم عبد الله بخمسين قرشا ؟
أجابه الرجل وهو يبعد وجهه عنه : يابنى عندما يجوع أولادى لن يأكلهم شوقى ولا نزار بل سيطعمهم المال .
هنا حضر شخص فج عديم الملامح وأخبر عم عبد الله أن عليه تسليم المحل غدا .
سأله : من هذا ؟
أجابه : هذا يا سيدى الرجل الذى سيؤجر المجل بدلا منه .
سأله : وهل ستكون مكتبة أيضا ؟
ضحك عم عبد الله حتى سالت الدموع من عينيه وقال : نعم .. نعم .. مكتبة ولكن ليس لبيع الكتب .
تعجب وقال : كيف مكتبة وكيف هى لن يباع فيها كتب ؟
أجابه وهو مايزال يضحك : مكتبة لبيع الملابس الداخلية .
خرج من عند عم عبد الله والدني تدور به وهو لايدور فيها , شعر أنه ثابت فى مكانه وأن الدنيا تفتح أبوابها ليخر ج منها .
وصل الى منزله قصد غرفته دون أن يتحدث مع أحد انتزع العبارة التى كانت معلقة على الباب , أغلق الباب خلفه , ارتمى على الكرسى الموجود أمام مكتبه ومواجه لمكتبته , فتح درجه وأخرج الملف الذى يحوى كتاباته ,تذكر بائع الجرائد وباقى المرتب وحديث أمه فدمعت عيناه , ثم تذكر ماحدث فى الجريدة , فجأة ظهر أمامه وجه عم عبد الل وهو يضحك ويخبره ببيعه للمحل . وتذكر الرجل الى سيحول المكتبة الى محل لبيع الملابس الداخلية .
خانت أعصابه ولم يتمالك نفسه وقف أمام مكتبته وأسقط مافيها من كتب , كونت الكتب حوله دائرة شبه متساوية وقف فى وسط الدائرة وهو لايعى مايفعله , وضع كل كتاباته فى المركز تماما ووقف عليها , أخرج من جيبه علبة كبريت وبدأ يشعل الأعواد فى تتابع نيرانى غريب ويلقى كل عود على مجموعة من الكتب اللتفة حوله كمهرج وحوله الفضوليون وأخذ يردد مع كل عود ّّ الوداع يا طه , الوداع يا عقاد , لن أنا أوقد القنديل ياحقى , هذه ليست دنيتى يامازنى , لن تعشقنى نسائك يانزار , ملعونة تلك الأفكار ياأنيس , الوداع الوداع الوداع .
بدأت النيران تلتهم الكتب فى تتابع غريب وبدأت تصل الى أوراقه التى يقف عليها والى أثاث الغرفة , حاولوا الدخول اليه ولكن كان الباب مغلق وعندما تمكنوا من كسر الباب كانت المسرحية قد انتهت .
فى أحد أركان الجريدة اليومية خبر صغير لايتعدى الأسطر الخمس .
( انتحار شاب لأسباب مجهولة )
يحي هاشم
.. الجمعة 4/6/2005 ..

Monday, August 14, 2006


امضاء زوجتى
أنهيت عملى .. فى نفس الميعاد من كل يوم .. انتظرت حتى انتهت هى من انهاء عملها .. تقابلت أعيننا وفهمنا أن ننتظر بعض فى نفس المكان .وبالفعل وجدتها فى نفس المكان منتظرة . لاأحد يعلم بقصة حبنا الا أنا وهى فقط .. فالموقف حرج فهى متزوجة وأنا متزوج ولكن وجدنا معا ما لم نجده فى أزواجنا .هى تعانى من قسوة زوجها ومعاملته الجافة .. وأنا أعانى من سلبية زوجتى وعدم احساسها بى وانشغالها الدائم بالأولاد .. حتى أنى كنت أتمنى أن أعود طفلا حتى تعاملنى مثلهم .تقابلنا فى نفس المكان ثم ذهبنا الى حديقة فى مكان هادىء وليس منعزل .. جلسنا ولكن هذه المرة لم يكن الكلام مثل سابق الكلمات ولم تكن النظرات كما عاهدتنا النظرات . فنحن فى طريق نهايته غامضة وأنا أكره الغموض ..هى تعرف أنها لن تترك زوجها لأنها حامل منه .وأنا أعرف أننى لن أترك زوجتى لأنى منجب منها طفلان ولكن …. ما النهايــــة؟فاجأتنى بالسؤال الذى أخرجنى من حالة اللاوعى التى كنت فيها نظرت ليها عاجزا عن الاجابة وأن أعرف أن النساء تكره الرجل العاجز ..يجب أن نضع حدا لمقابلاتنا !!!!!!!!!!نظرت اليها فى ذهول .. وأنا أعلم أن النساء تمللن الرجل المذهول.تركتنى ومضت … لم أكن أعرف ماذا أفعل .. أو ما الذى يجب فعله فى هذا الموقف ولم أجد نفسى الا أمام منزلى .دخلت متوقعا أن أجد المنظر الطبيعى الذى اعتدت أن أراه كل يوم .. شجار بين الأولاد .. ثم شىء يشبه النساء يخرج من المطبخ ورائحة الطعام تفوح من كل ركن من أركانها التى لاأعلم متى اخر مرة سكنت فى احدها و…..ولكنى لم أجد شىء من هذا .. وجدت المنزل هادىء تماما كمكان لم يسكنه أطفال من قبل .. وجدت أنواره خافتة .. وشممت رائحة عطرة جذابة تملأ المكان ..هرولت الى خارج المنزل كى أتأكد أنه منزلى …..بالفعل انه هو.ثم دلفت الى المنزل ثانية وأوصدت الباب .. ووجدتها أمامى .. نعم وجدتها لم أكن أعلم من قبل أننى متزوج من ملكة جمال .. انها هى وزجتى متزوجها من خمس سنوات ولم أكتشف جمالها مثل اليوم .سألتها متلعثما عن الأولاد ..أجابت عند أختها وسيمكثون أسبوعا.خطر فى بالى أننى سأقضى أسبوع عسل من جديد ولكنى طردت الفكرة من رأسى حتى لاأصاب بصدمة الواقع.سألتها عن الطعام .. أجابت : مجهز منذ نصف ساعة كل ما تشتهيه .. والحلو جاهز بعد الطعام سألتها أين كنت من زمان؟؟؟؟؟؟؟؟ .. قالت .. لا لم تقل بل اقتربت بشدة .. الصقت شفتيها بأذنى وهمست:- كنت بجانبك دائما ولكنك لم تكن ترانى ولكن اليوم قررت أن أفتح عينيك على ما لم تره من سنوات .حاولت أن أضمها الى صدرى ولكنها ابت بدلال وجذبتنى من يدى وأخذتنى الى المائدة وأخذت تضع الطعام فى فمى كالطفل الصغير .ماأجمل الاحساس بأن تعاملك زوجتك كطفلها فهى فى هذه الحالة تحبك حبا بلا حدود بلا مقابل عكس أن تحبك كزوجها فالحب هنا مختلف فهى فى هذه الحالة تريد المقابل منك حبا أكثر .لأول مرة من سنوات أشعر برغبة عارمة فى تناول الطعام بل فى تناول أى شىء تقدمه لى هذه الحورية , وأخذت اكل من يدها كمن لم يأكل من قبل اه ياسيدتى لو تعلمين كم أنا طفل صغير وكنت احتاج الى هذا منذ زمن طويل ..مازلت أسأل وأتسائل أين كنت من زمن طويل ؟؟؟؟؟؟؟؟لم أشعر بالوقت ولا بالطعام بل أخذت أتلذذ باحساس الطفولة الجميل .وما ان انتهيت من تناول الطعام حتى وجدتها تسرع وتحضر اناء به ماء وأخذت تغسل يدى وفمى .يالهذا الشعور السي سيدى العظيم .. كم انتى عظيمة يازوجتى !!!!!!أشعر الآن برغبة عارمة فى الموت حبا بين ذراعيها , لاأستطيع أن أصف لكم كيف كانت ليلتنا لم أشعر بكونى رجل مثل اليوم .واستيقظت صباحا وذهبت الى عملى بعد أن ودعتنى زوجتى وداعا حار , وكنت طوال الطريق أتذكر ما دار بيننا بالأمس , كل شىء يدعونى الى الى طلب أجازة لمدة أسبوع لقضائها مع تلك المخلوقة الرائعة .. مع زوجتى .وصلت مكتبى وتذكرت هى ..يااااااااااااااااااه .. كم كانت غائبة عنى بالأمس لم أتذكرها ثانية واحدة .. لم تخطر على بالى .. ولكن يجب أن أنهى علاقتنا .. يجب أن نضع النهاية .. يجب أن أدخل اليها وأخبرها بأن النهاية قد حانت وأن كل شىء انتهى .. ويجب , لكن لم تكن هى جالسة على مكتبها كالمعتاد .. ماذا حدث ؟؟؟؟؟لم أهتم .. ودخلت الى المدير وقدمت له طلبا لأجازة لمدة أسبوع .. استغرب المدير فأنا الموظف الوحيد الذى لم يتقدم بطلب اجازة منذ سنوات ولكنه وافق.عدت الى المنزل واثار ليلة الأمس تسير بجانبى وأحلام الاجازة تتطاير من حولى ولكن لم أجد زوجتى .. لاأثر لها .. رن جرس الهاتف .. كانت هى قالت بصوت يخنقه البكاء .. لقد حضرت سيدة اليوم الى المنزل وقالت أنها زوجتك وأخبرت زوجى عن كل ماكان يدور بيننا من سنوات .. لقد تسببت فى فضيحة وقام زوجى بطردى من المنزل بملابس البيت وطلقنى أمام الجيران . أغلقت سماعة الهاتف مذعورا والذعر اخرشىء أحسست به حيث وجدت ورقة على الفراش فيها ( عذرا يا سيدى .. انتهت المسرحية بالأمس .. انتظر ورقة الطلاق) ..امضاء زوجـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــتى)انتهــــــــــــــــــــت

الانتظار
نعم .. يجب أن أنهى اليوم كل شئ .. لقد تعبت وسأمت من كل هذا العبث ، ها هي السنة الثالثة تمر من عمر علاقاتنا ولم نتحرك خطوه واحدة .
ما زال يعمل عمله السخيف الذي لا يدر له سوى ما يقضى به الشهر.
أنا أحتاج لاكثر من 150 جنيه في الشهر .. كيف سيشترى الشقة ؟؟؟؟
كيف سيحضر الشبكة ؟؟؟ كيف ؟؟؟ كيف ؟؟؟ كيف !!!!!
لا ….. إنها النهاية….ارتدت ملابسها .. وضعت المساحيق على وجهها .. نظرت في المرآة بإعجاب قائلة : يالي من جميلة .. ألف رجل سيلهثون خلفي طالبين خطب ودي .. دكتور .. مهندس .. ظابط .. وأنا سيكون لي حق الاختيار وسوف أختار بعقلي هذه المرة ، كفاني ما أصابني من القلب واختياراته اللآعقلية .
ها هي السنة الثالثة من عمر علاقتنا تمر ولم نتحرك خطوه واحده.
أمه تسيطر عليه .. تتحكم في كل صغيرة وكبيرة في حياته
كيف سأتعامل معها
لا ….. إنها النهاية…. هبطت درجات السلم . ذهبت إلى محطة المترو .. قطعت التذكرة .. نظر لها أمين الشرطه بإعجاب ضحكت بداخلها صعدت إلى المترو .. جلست .. رتبت ما ستقوله له : لقد تحملت ظروفك القاسية لفترة طويلة ولكن ما عاد يمكنني الاستمرار هكذا.
..جاءها وجهه الباسم في خيالها .. طردته شر طرده وقالت بصوت عالي : لا ….. إنها النهاية….
وصل القطار إلى المحطة .. هبطت .. بحثت عنه لم تجده .. قالت : ها هو كعادته يتأخر .. ويتركها للماره ينظرون لها ويجرحون براءتها بنظراتهم الشهوانية …
لا ….. إنها النهاية….وصل القطار التالي .. هبط الراكبون .. لم تجده .. جلست مكانها وفجأة.. وجدته قادم من بعيد .. لم تنظر إليه .. وأخذت تقول في نفسها : إنهـا النهـاية … إنهــا النهــاية … إنهـا النهــاية …
لن يخدعك هذه المرة بكلماته الرقيقة أو بدفئه الأبدي
وجدت فجأة يده في يدها وهو يقول لها .. آسف على تأخري أوعدك أنها لن تتكرر مرة ثانية..
نظرت له وقالت :
لا عليك .. انتظارك يزيدني شوقاً ثم نظرت إلى عينيه، وقالت :
أنــــــــــــا أحبــــــــــــــك


27/8/2002

إبتسامة
أراقبه من بعيد ..جالس على كرسى فى صالة المنزل .. ويضع بجانبه التليفون .. وكل دقيقه يرفع السماعة ثم يضعها ثانيه..
لم تكن هذه حالته أول أمس .. كان سعيداً مرحاً .. يضحك مع هذا .. ويتكلم مع هذا ولكن اليوم هو في حالة قلق شديدة ..
انه الآن يشاهد التلفاز .. ويا للعجب نفس البرامج التي كانت هي شاغله بالأمس والتي كان يضحك منها.. لا تظهر منه ابتسامه حتى عن أي لقطه فيها ..عيناه على الشاشة ولكن كل تفكيره فيها .. صراع داخلي بينه وبين نفسه .. قلق .. قلق .. قلق لا آخر له .. يقوم ليرفع السماعة التي في حجرة النوم ليتأكد من أن هناك حرارة وعندما يتأكد من وجودها يضع السماعة.. يدخل ليقرأ لكن الكلمات تمتزج مع بعضها البعض ليظهر ثلاث حروف فقط فى كل الصفحات ..
" هــ – ن - د "
يغلق الكتاب .. يسرح قليلاً محاولاً أن يسترجع أحداث آخر لقاء بينهما .. وتبدأ التساؤلات تدق داخل رأسه كالناقوس.. هل وهل وهل وهل ..لقد كره هذه الجملة من كثرة تكرارها .. يحاول أن ينام .. لكن صوت جرس التليفون يدق .. يقوم بسرعة.. يصطدم في ركبته صدمة مؤلمة ولكنه لا يشعر بها .. يشتبك قميصه الغالي الثمن الذي يرتديه في مسمار بالباب ..لا يهم بالقطع الذي أصابه من أجل أن يلحق بالتليفون يرفع السماعة في لهفة متمنيا أن يسمع صوتها .. ألو .. يالها من كلمه جميلة عندما تنطق هي بها ولكن يفاجئه صوت آخر .. ينهار ويشعر بالألم في ركبته .. ويرى القطع في قميصه الحريري ويترك السماعة في يأس يعود ثانيه لينام ولكنه أصبح بينه وبين النوم عداء.. يخرج ورقه ويحاول أن يكتب أي شيء ولكن أصبحت كل الحروف ثلاث حروف فقط " هـ – ن – د "
يمزق الورقه .. يكسر القلم .. يخرج نوتة التليفونات .. يفتح صفحة الهاء .. ينظر للرقم .. يحضر التليفون .. يضعه أمامه .. يتردد هل يتصل بها أم لا.. يجمع شجاعته .. يرفع السماعه .. يضغط الارقام وعندما يصل لاخر رقم تخونه شجاعته ويضع السماعه ..
يقوم من مكانه .. يدور حول التليفون دوره كامله باحثا حوله عن شجاعته المفتقده يمد يده ليمسك السماعة .. ولكن يرن الجرس .. يقفز من مكانه مذعوراً يرفع السماعة ببطيء حتى لا ينهار ثانيه وثالثه ورابعه يبتعد عن التليفون
يفتح محفظته يخرج صورتها ينظر إليها .. يسرح في ملامحها كم هي جميلة .. يضمها إليه يلثمها .. يبدو أنه استمد منها القوه والشجاعة .. ينقض على التليفون يضغط على الأرقام بنفس القوه حتى لا تخونه شجاعته ثانيه.
يسمع صوت جرس تليفونها ..يرتب الكلمات التي سيقولها عندما يسمع صوتها ..يسمع صوت غريب ليس صوتها .. ينهار.. يغلق السماعة.. ويدخل لينام .. يستيقظ في الصباح يجرى نحو التليفون .. يرفع السماعة .. يتأكد أن هناك حرارة.ز ينزل إلى عمله..يتصل كل خمس دقائق يسأل هل اتصل به أحد .. وعندما يتأكد من إنها لم تتصل .. يرتاح 5 دقائق ثم ينهار ثانيه.. يرتب كل الكلام الذي سيهاجمها به سيقول لها ...... ويصول ويجول ويقول ويقول ويأمر وينهى...
يعود للمنزل .. يجلس بجانب التليفون وهو يرتب كل ما سيقوله والطريقة التي سيقولها ..يأخذ وضع إلا ستعداد للمعركة..
يرن جرس التليفون .. يرفع السماعة في لا مبالاة وهو يعرف انه سوف ينهار ثانيه , ولكن لا نرى على ملامح وجهه سوى .. ابتسامه .. فقد كانت ..
( هـ _ ن _ د )
يحي هاشم
10/12/2000